¤ الســـؤال:
ما هو الحكم الشرعي فيمن حرم على نفسه الزواج وحرم على نفسه النساء؟.
* الجـــواب:
الحمد لله...
= أولا:
لا يجوز لأحد أن يحرم ما أحل الله تعالى من النساء أو الطعام أو غير ذلك، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة:87].
وقد أراد جماعة من الصحابة أن يتبتلوا ويعتزلوا النساء، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأنزل الله عز وجل هذه الآية.
روى ابن جرير بإسناده إلى مجاهد رحمه الله قال: أراد رجال منهم عثمان بن مظعون رضي الله عنه وعبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن يتبتلوا، ويَخْصُوا أنفسهم، فنزلت هذه الآية.
وروى البخاري 5074، ومسلم 1402، عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاخْتَصَيْنَا.
فالتبتل والإختصاء وتحريم النساء، كل ذلك محرم، وهو رغبة عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي تزوج، ورَغَّب في الزواج، وحث عليه.
وروى البخاري 5063، ومسلم 1401 عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».
فتبين بهذا أنه ليس لأحد أن يحرم النساء على نفسه.
= ثانيا:
من فعل ذلك، فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وعليه كفارة يمين، لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم*قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم:1-2]، فجعل الله تعالى تحريم الحلال يميناً، وانظر -الشرح الممتع 10/475.
وكفارة اليمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
= ثالثا:
النكاح يختلف حكمه بحسب الإنسان وقدرته المادية والبدنية، ومدى إحتياجه له، فتارة يجب، وتارة يستحب، وتارة يكره.
والله أعلم...
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب.